-A +A
عبدالرحمن الدرعان كاتب وقاص
فكرة أن يتأسس وطن بمساحة المملكة العربية السعودية كان حتى قبيل حدوث هذه المعجزة ضرباً من الحلم المستحيل، ليس هنا مقام تناول الأسباب التي يتعيّن علينا أن نسوقها في هذا السياق لأنها باتت معلومة، غير أنني سأشير إلى حالة هذه البقعة الشاسعة قبل التوحيد كيف كانت، وهل ثمة أحد في وسعه أن يتخيل أن تصبح تلك القبائل المتناثرة المتناحرة كياناً واحداً على الرغم من شح الإمكانات في تلك اللحظة التاريخية التي بدأها الملك الموحد في استعادة الرياض؟!

المملكة وطن ولد من رحم المستحيل وانطلق بهمة الرجال المخلصين من الجيل المؤسس نحو تحقيق المستحيل الذي نشهده اليوم على الأصعدة كافة.


في مثل هذا اليوم حري بنا أن نتوقف لنصغي إلى ذلك النداء البعيد الذي دوّى ذات يوم في قصر المصمك لكي تتسع السماء ويبدأ عصر جديد في زمن قياسي. حري بنا في هذه الذكرى أن نرفع الراية ونستحضر ذلك الحلم الذي تمدد كالنور من البحر إلى البحر ومن أقاصي الشمال إلى تخوم الجنوب

حيث شد عبدالعزيز الخيوط من خطوة في جبال الجنوب إلى مغزل امرأة يدور على وقع هجينية في الشمال، ومن زئير النهام الطالع من حنجرة شيخ البحر إلى جبال الحجاز وهي تشرئب متوجة بالأغاني التي تسيل كقطيع الظباء وتتحلق حول نار أوقدها البدو للطبول ويرصعون صفوفهم في قلب نجد:

«نحمد الله جت على ما نتمنى».

لنتوقف لا لكي نجمع رماد الشموع، بل لكي نستمد النور من أعرافها ونمضي قدماً حيث تسير بوصلة العالم بعزيمة أبناء الوطن.